السفر عبر الزمن
في زاوية ضيقة من مكتبة قديمة تقع في وسط المدينة، كان "علي" يقضي وقته متفحصًا كتبًا عن الزمن وأسراره. كان يعمل كمرشد سياحي في متحف الآثار، ومنذ سنوات وهو مفتون بفكرة السفر عبر الزمن، متسائلًا ما إذا كان ذلك ممكنًا. وفي إحدى زياراته المعتادة للمكتبة، وجد كتابًا قديمًا يلفّه الغبار يتحدث عن أسرار "السفر عبر الزمن" بطرق غير اعتيادية.
فتح الكتاب بحذر وبدأ في قراءة النصوص التي كُتبت بخط يدٍ غامض. لم يكن الكتاب مثل أي شيء قرأه من قبل، فقد تضمن طلاسم وتعويذات غريبة وتعليمات لكيفية فتح بوابة زمنية باستخدام مجموعة من الرموز والطقوس. ظل علي يقرأ لساعات، وكأن النصوص قد أسرته تمامًا، وكلما مضى في القراءة، ازداد شغفه ليجرب بنفسه تلك الطقوس ويختبر حقيقة السفر عبر الزمن.
بعد أيام من التجهيز والاستعداد، جمع علي المواد التي ذكرت في الكتاب: شموع قديمة، تمائم وأحجار كريمة نادرة. وفي ليلة مظلمة، قرر أن يجرّب الطقوس في منزل مهجور قرب القرية، غير مدرك تمامًا لعواقب هذه التجربة.
الفصل الثاني: البوابة إلى الماضي
في وسط الطقوس التي قام بها، شعر علي بتغير في محيطه. الهواء من حوله بدأ يبرد، والإضاءة أخذت تتلاشى تدريجيًا. أحس بوميض خافت يقترب منه، حتى وجد نفسه قد انتقل إلى عالم غريب تمامًا. فتح عينيه ليكتشف أنه قد عاد إلى القرية نفسها، لكنها تبدو كأنها في زمنٍ بعيد، مئات السنين في الماضي.
تجول بين شوارعها القديمة الضيقة، ولاحظ أن البيوت كانت تُبنى من الطين والخشب، والأشخاص الذين يراهم يرتدون ملابس قديمة الطراز. في البداية، ظنّ أنه يعيش حلمًا، لكن سرعان ما تأكد أنه قد انتقل فعلاً عبر الزمن إلى حقبة ماضية. حاول أن يسأل بعض السكان عن الزمن الحالي، لكنهم كانوا ينظرون إليه بريبة وكأنهم يشعرون بوجود شيء غريب فيه.
لم يمضِ وقت طويل قبل أن يدرك أن وجوده في هذه الحقبة ليس موضع ترحيب؛ فقد بدا له وكأن القرويين يتحدثون عن شبح غريب يجوب بينهم، وهم يخشون منه. بدأ يشعر بالخوف والقلق حول كيفية العودة إلى زمنه الأصلي، لكنه قرر أولًا أن يستكشف السبب وراء هذا التحفظ.
الفصل الثالث: اللعنة والأسرار
أثناء تجواله في القرية القديمة، سمع علي من بعض القرويين عن لعنة قديمة تحيط بقريتهم، وأنها ترتبط بمكان مقدس يُعرف بـ"المعبد المحظور". كان هذا المعبد يقع على أطراف القرية، ويُشاع أنه يحوي أسرارًا مخيفة حول بوابات الزمن والأرواح التي حوصرت فيه.
أدرك علي أن هذا المعبد هو المكان الذي قد يقوده إلى طريقة العودة إلى زمنه. واصل طريقه حتى وصل إلى المعبد المحظور، ودخله بحذر، ليجد نفسه وسط رسومات ونقوش جدارية غريبة تروي قصصًا عن أشخاص انتقلوا عبر الزمن، لكنهم لم يعودوا أبدًا.
هناك التقى برجل عجوز يبدو كأنه يعيش منذ قرون، إذ كان يتحدث بلغة غريبة لكنها مفهومة لعلي. أخبره الشيخ بأن "بوابة الزمن" ليست مجرد أداة للسفر، بل إنها لعنة تُحاصر من يستخدمها. وأشار إليه بأنه إذا لم يتمكن من إغلاق البوابة بعد عبورها، فإن كيانات غامضة ستبقى تطارده إلى الأبد، وأنه قد يعلق في ذلك الزمن ما لم يعثر على مفتاح العودة.
الفصل الرابع: المواجهة ومحاولة العودة
بعد معرفته بحقيقة البوابة، قرر علي العودة سريعًا إلى النقطة التي ظهر منها أول مرة. في طريقه، بدأت الكيانات الشريرة بالظهور من الظلام؛ كانت تبدو كأشباح بأعين فارغة ووجوه شاحبة، تحوم حوله محاولين منعه من العودة. كانت تلك الكيانات تبدو كحراس العالم الزمني، ولا تسمح لأي شخص بأن يغادر بسهولة بعد دخوله.
استمر علي بالركض متجنبًا تلك الكيانات، مستعينًا ببعض التعويذات من الكتاب الذي قرأه، والتي كانت تمنحه قوة مؤقتة للتصدي لهم. كلما اقترب من نقطة الخروج، ازداد عدد الكيانات حوله وأصبح الطريق أكثر صعوبة. في تلك اللحظة، عرف أنه إذا لم يتمكن من الوصول إلى البوابة وإغلاقها بالشكل الصحيح، فإن الكيانات ستتبعه إلى زمنه الأصلي وتطارده إلى الأبد.
أخيرًا، وصل إلى النقطة التي فتح فيها البوابة أول مرة. جمع شجاعته وأشعل الشموع الأخيرة، مرددًا الطلاسم التي علِمها من الكتاب. انفتحت البوابة مرة أخرى للحظات، وتمكن علي من العبور بصعوبة، لكنه شعر بثقل رهيب وكأنه يُسحب بعنف. ومع ذلك، كان مصممًا على العودة مهما كانت التكلفة.
الخاتمة: لعنة الزمن
بعد عبوره، وجد علي نفسه في زمنه الحاضر، لكنه كان يشعر أن شيئًا غريبًا يلاحقه. عاد إلى القرية وحاول أن يعيش حياته الطبيعية، لكنه بدأ يلاحظ تغيرات غريبة. القرية لم تعد كما كانت، بل تبدو كأنها تتشرب من الطاقة المظلمة التي جلبها معه من الماضي. بدأت الأحلام المرعبة تلاحقه كل ليلة، وأصبح يرى الكيانات التي واجهها في الماضي تطل من الظلال بين الحين والآخر.
علم علي أن اللعنة لم تنتهِ، وأن البوابة لم تُغلق تمامًا؛ لقد جلب شيئًا معه إلى هذا الزمن. بدأ يسمع أصواتًا تناديه ليعود إلى البوابة، وكأن عليه إنهاء ما بدأه. وعلى الرغم من عودته، ظل علي عالقًا بين زمنين، مطاردًا بالكيانات التي تسكن بينهما.
النهاية
تُرك علي في صراعٍ مستمر، لا يستطيع البقاء في الحاضر بسلام، ولا يستطيع العودة للماضي. لقد أدرك أن السفر عبر الزمن كان لعنة وليست مغامرة، وأنه مهما حاول الهروب، ستبقى اللعنة عالقة به، تاركة
أثرًا عميقًا في حياته.